¤ إزالة الكفر في آخر الزمان، ودلالته على التوحيد:
بيَّن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن عيسى عليه السلام سينزل آخر الزمان، حاملا رسالة التوحيد، ومحاربا للشرك، وقامعا له، ومن ذلك:
=أولاً/ يكسر الصليب:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً مقسطاً، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد» الجامع الصحيح، كتاب البيوع، حديث رقم 2222، قال ابن حجر: قوله فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، أي يبطل دين النصرانية بأن يكسر الصليب حقيقة، ويبطل ما تزعمه النصارى من تعظيمه، فتح الباري 6/493.
وعقيدة الصليب من العقائد الأساسية التي يعتقدها النصارى إلى اليوم، وكان منشأ هذه العقيدة من إيمانهم بأن عيسى عليه السلام قُتل وصُلب، ولكن الله سبحانه وتعالى رد عليهم بقوله: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ}، وهذا الإعتقاد الذي إعتقده النصارى يدل عل ضعف عقولهم، فكيف يعتقدون صلبه وهم الذين يزعمون أنه الله أو ابن الله على اختلاف بينهم، ولله در ابن القيم حين خاطبهم متهكما:
أعُبَّادَ الصليبِ لنا سؤالٌ نريدُ إجابةً ممَّن وعاهُ، إذا ماتُ الإلهُ بفعلِ قومٍ أماتوه، فهل هذا إلهُ.
=ثانياً/ يقتل الخنزير:
وأما ما يتعلق بقتل الخنزير، لأنه نجس محرم الأكل، على النصارى وغيرهم، فهو محرم على النصارى بالتوراة لأنهم مأمورون باتباعها، ولم يأت الإنجيل بنسخ ذلك، انظر: الشهرستاني، الملل والنحل، 210. وابن حزم، الفصل في الملل والأهواء والنحل 1/59.
فكان في قتل عيسى عليه السلام للخنزير في آخر الزمان فضح للنصارى بما بدلوا وغيروا من أمور دينهم، مثل استحلالهم للحم الخنزير.
=ثالثاً/ قتال الدجال:
كانت دعوة عيسى عليه السلام في زمنه لبني إسرائيل دعوة سلمية تقوم على المواعظ والأمثال والزواجر، ولم يرد في النصوص الشرعية ما يدل على قتاله لأعدائه في ذلك الزمان، وأما في آخر الزمان عندما ينزل إلى الأرض فإنه يقاتل أعداء التوحيد، وعلى رأسهم المسيح الدجال، فإنه يطلبه حتى يقتله، فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ينزل عيسى ابن مريم فيقتل الدجال»، ثم يمكث في الأرض مدة ذكرها إختلفت الرواية في مبلغها، ثم يموت، فيصلي عليه المسلمون ويدفنونه، انظر: جامع البيان 3/289-291 وانظر: القرطبي،الجامع لأحكام القرآن 4/64، 65. وابن تيمية، مجموع الفتاوي 4/322،323.
وجاء في صحيح ابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فينزل عيسى ابن مريم، فإذا رآه عدو الله يذوب كما يذوب الملح، ولو تركوه لذاب حتى يهلك ولكنه يقتله الله بيده فيريهم دمه بحربته»، صحيح ابن حبان. قال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح..
وفي قوله سبحانه: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا}، قال ابن جرير: يعني قبل موت عيسى، يوجه ذلك إلى أن جميعهم يصدقون به إذا نزل لقتل الدجال، فتصير الملل كلها واحدة، وهي ملة الإسلام الحنيفية، دين إبراهيم صلى الله عليه وسلم، جامع البيان 6/18،21 وقد ذكر ابن جرير أقوالاً أخرى، وهذا القول هو اختياره.
=رابعا/ قتال أعداء التوحيد من اليهود والنصارى:
لا يقتصر قتال عيسى عليه السلام على قتال الدجال فحسب، بل يقاتل اليهود والنصارى في آخر الزمان، ويدعوهم إلى الإسلام، ولا يقبل منهم غيره، ولا يقبل منهم الجزية أيضاً.
المصدر: اللجنة العلمية لموقع دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.